الصوم والصحة
مع قلة الماء والطعام خلال الصيام تحدث بعض التغيرات للجسم والدماغ ، ولكن هل نعلم ماذا يحدث لأجسادنا أثناء النهار وما التأثيرات التى يحدثها الصيام؟ قامت دراسة حديثة بتقييم تأثير غياب الطعام على نشاط خلايا الدماغ.، وكشفت فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي أن الخلايا الدماغية تتأثر كثيرا بغياب الماء والسكر (أو الطعام) في فترة الصيام. وبالمقارنة، لوحظ أن الزيادة في كمية الغذاء لا تصيب المعدة بالتخمة فقط، بل الدماغ ايضا. فقد اقترن الافراط في الطعام مع ملاحظة بطء عمل المناطق الدماغية وتكاسل وظائفها، مما يعلل الشعور بالنعاس والتعب بعد الانتهاء من الوجبة مباشرة. اما بالنسبة لتأثير الصيام على الدماغ، فبالرغم من قلة انخفاض نشاط بعض مناطق الدماغ، وشعور البعض بالدوخة أو الدوار في الأيام الأولى من الصوم، فإن هذه الأعراض سرعان ما تزول مع مرور الوقت ويتأقلم الجسم بل تتحسن قدراته الذهنية. وتؤكد د. خلود البارون بحسب جريدة "القبس" أن دلالات الأبحاث تشير إلى التحسن أثناء الصيام في جميع القوى العقلية والفكرية، مثل الذاكرة والانتباه والترابط الفكري والحسابي ، وأثبتت أبحاث عدة أن الصوم لفترات قصيرة يزيد من قدرة الطلاب الذكائية والاستيعابية والقدرة على حل الامتحانات. بالإضافة إلى ذلك، تتحسن القوى الروحية كالعاطفة والمحبة والحدس وسرعة البديهة تحسنا ملحوظا بفعل الصوم ، ومن آليات الصيام : 1 - يدعم الصوم الجسم في التخلص من فضلاته وسمومه المتراكمة في داخله، بما يوفر للدماغ فرصة للتغذي بدم نقي وخال من السموم وغني بالأوكسجين. 2 - نتيجة لعدم تناول الطعام لفترة طويلة، يتوقف نشاط الجهاز الهضمي مما يدفع الدم بغزارة إلى أنسجة الدماغ لتغذية مناطقه ، وعلى اثر ذلك تزداد كفاءة العمليات الذهنية. 3- ارتفاع معدل الطاقة الايجابية الروحية، ويشعر معظم الصائمين بصفاء النفس وسكينة الفؤاد ويقلل الضغط والتوتر النفسي، مما يصفي الذهن. ويلحظ أثناء ذلك انخفاض الرغبة الجنسية. وجميعها أمور توفر للصائم راحة فكرية وطاقة ايجابية لها اثر لا يستهان به على نطاق تحسين القدرات العقلية. وقد لا يلحظ البعض زيادة النشاط وقدراته الذهنية في بداية الصوم. ويعزو الخبراء ذلك لكونه من المعتادين على تناول المنبهات كالشاي والقهوة والدخان وغيرها. فالانقطاع المفاجئ لهذه المنبهات له تأثير مثبط قليل للقدرات الذهنية، بيد ان ذلك يقتصر على الأيام الأولى من الصوم، وبعد فترة فسيلحظ الشخص الزيادة والنشاط في جميع قدراته العقلية والفكرية. الصيام للمريض يتمكن الجسم الطبيعي من التأقلم مع تغيرات صيام شهر رمضان نتيجة لقابليته وكفاءة وظائف التحكم الذاتي في الجسم. ففي الأشخاص الاصحاء، تقوم وظائف الجسم اثناء الصيام بالتكيف مع الصيام من خلال ضبط كمية البول وأملاح الدم ونسبة خروج النيتروجين من الجسم حتى تستمر الاعضاء في ضمن حدودها الطبيعية. ويعرف بأن الصيام يؤجل توافر الطاقة من الطعام الى حين ساعات الظلام، ويعكس بشكل جزئي من ساعة الجسم البيولوجية للطعام والشراب، مما يخفض مستويات الطاقة ويغير من روتين الجسم. كما ان تفادي السوائل أثناء ساعات النهار يسبب جفاف الجسم التدريجي وانخفاض ضغط الدم، ما يؤدي بدوره إلى تحفيز وظائف الكلى ووظائف الغدد الصماء وبالذات الهرمون المضاد لإفراز البول وهرمون الألدستيرون. وهي آثار مفيدة لبعض الامراض، ولكن ليس لكل المرضى. وهذه التغيرات تعلل منع صيام المسلم المريض إن كان يعرضه للخطر. وبالنسبة للمصابين بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب الشديدة وجلطة الدماغ والاورام السرطانية، فهم في حالة تطور مستمر ومن الصعب السيطرة عليها بالدواء فقط. فحالتهم تعتمد ايضا على نظام الغذاء ونمط الحياة، مما يعلل منع بعضهم عن الصيام لحاجة اجسامهم للماء والطعام وتناول الدواء بشكل منتظم للوقاية من الاضرار. من جانب آخر، كشفت دراسة عن انخفاض انتظام تناول الأدوية أثناء صيام شهر رمضان مما يعرض المرضى لانتكاسة حالاتهم المرضية. والمريض الذي يعرض نفسه للمضاعفات بسبب الصيام ولا يتبع نصائح الطبيب المعالج فهو بذلك يعارض تعاليم الإسلام. فوائد الصيام اتخذ الصوم وسيلة علاجية منذ العصور القديمة وإن اختلفت صوره، فهناك الصوم المطلق عن الطعام والشراب وهناك صوم عن بعض المأكولات، لكنها في المفهوم العام كلها تعتبر صياما. ويقول الدكتور العالمي ألكسيس كاريك الحائز جائزة نوبل في الطب في كتابه الذي يعتبره الأطباء حجة في الطب «الإنسان ذلك المجهول»، ما نصه: «إن كثرة وجبات الطعام تعطل وظيفة تكيف الجسم مع قلة الطعام، وهي الوظيفة التي لها دور عظيم في بقاء الأجناس البشرية». غير أن نتائج الصيام المذهلة على الجسم لا تتحقق إلا بتطبيق ارشادات الصوم السليمة، ومنها: 1 - ضرورة الاكثار من الحركة خلال فترة الصوم: فالصوم والحركة يسرعان من تخلص الجسم من السموم المتراكمة فيه. 2 - عدم الإكثار من كمية الطعام: الصيام فرصة لعلاج السمنة والتخلص من الدهون وعناصر الطعام المختزنة في الجسم والكثير من المواد السامة الناتجة عن عمليات الجسم البيولوجية. 4 - تناول الرطب مع الإفطار: الرطب تعد من الاغذية الكاملة التي تحتوي على نسبة عالية من السكريات، مصل الجلوكوز والسليولوز الذي يقوي وينشط حركة الأمعاء لاستقبال الأكل وتمد الجسم بالطاقة السهلة. 5 - التقليل من تناول الحلويات واستبدلها بالفاكهة والتمر والفواكه المجففة. 6 - الابتعاد عن تناول الأطعمة المقلية، وتفادي بقدر المستطاع استخدام الدهون في تحضير الاطعمة. 7 - التركيز على تناول طبق من الشوربة والسلطة بشكل اساسي في كل وجبة. 8 - الاكثر من شرب الماء والسوائل غير الغازية. 9 - الصيام يحسن التنفس ، مع قلة كمية الطعام الوارد إلى الأمعاء، يقل ضغط البطن على الصدر، ينتظم التنفس ويعمل بصورة أكثر راحةً وانسجاماً. إذ تتمدد الرئتان من دون عوائق، ويقل العبء الملقى على القلب فتقل ضرباته لعدم الحاجة إلى بذل ذلك الجهد الكبير لدفع الدم إلى الجهاز الهضمي للعمل على هضم تلك الكميات الهائلة من الطعام. يعالج الجسم أظهرت دراسات عدة أن الصوم علاج للكثير من الأمراض وخصوصاً تلك المصحوبة بقيء أو إسهال أو ارتفاع في درجة الحرارة. ومن الامراض التي تستفيد من الصيام ايضا: الربو والسعال التحسسي والتهاب القصبات المزمن والروماتيزم والتهاب المفاصل والتهابات الأوردة المزمنة وارتفاع الكوليسترول وعسر الهضم وسوء الامتصاص والتهاب القولون المزمن وداء السمنة والأمراض الناتجة عنها. وذلك لأان فيه تخليصاً للجسم من السموم التي تراكمت في انسجته وخلاياه على مدى أشهر السنة من جراء العمليات الهضمية والبيولوجية. وتنسب هذه الفائدة الى ما يرافق الصوم من راحة فسيولوجية لخلايا الجسم وللمعدة والأمعاء حتى تتخلص من سمومها، وتزيد من قوة جهازها المناعي للتغلب على أسباب المرض. ويترتب عن التخلص من سموم الجسم تنقية الدم وتحسين الهضم والتخلص من الخلايا والميكروبات الميتة والضعيف من الأنسجة واستبدالها بجديدة. كما يتحرك ويتحلل سكر الكبد والدهن المخزون تحت الجلد. وبذلك فهو يعيد للجسم النشاط والحيوية والاتزان الفسيولوجي الذي يقيه من الأمراض الجسدية. أمراض العيون من الامور التي بحثت الدراسات مليا في فوائدها على الجسم هي فائدة الصوم لعدة ايام عن الطعام، مع الاستمرار في شرب الماء والسوائل الخفيفة. وبالإضافة الى الدراسات المختلفة التي ركزت على فائدته على الجهاز الهضمي والبولي، قام اطباء العيون بتقييم اثر الصيام على صحة العين. وثبت أن الصيام او تناول حمية غذائية منخفضة السعرات الحرارية بشكل كبير، يساعد في اطالة الحياة ويقلل من نسبة الاصابة بأمراض القرنية والعيون، خاصة عند مرضى السكر. ما يعلل نصح اطباء العيون، للمصابين بالسكر ممن يصابون بنزف في أوعية القرنية بالصيام وتقليل تناول الطعام، وذلك للسيطرة على النزف وتحفيز تجلط الدم. وعزي ذلك لما يرافق انخفاض كمية ما يدخل الجسم من سكر ودهون ونشويات، من انخفاض في إنتاج مواد الاكسدة التي تزداد مع زيادة تناول السعرات الحرارية والتدخين. كما اثبتت الدراسات ارتباط زيادة نفايات الطعام وانتاج مواد الحرة والأكسدة بشكل مباشر مع تسريع تطور معظم امراض العيون. ومن اهم امراض العيون التي تستفيد من الصيام وتقليل السعرات الحرارية هي تلك المرتبطة بمضاعفات السكر وامراض القرنية. لكن بالرغم من اكتشاف ارتباط تقليل السعرات الحرارية والصيام مع انخفاض إفراز المواد المؤكسدة المضرة، فانه لا ينصح به للجميع. لذا، قبل ان يقرر أي شخص اتباع نظام حمية منخفض السعرات او الصيام لفترة طويلة يجب عليه أولا ان يستشير الطبيب. وينطبق هذا الامر على المرضى والاصحاء، فمن الممكن ان يسبب استمرار الصيام لفترة طويلة أعراضا جانبية وتأثيرا سلبيا على الصحة مثل الدوخة وتورم القدم والاكتئاب والارهاق والكسل والانيميا. الربو من الحالات التي تتحسن بالصيام
0 التعليقات: